‏إظهار الرسائل ذات التسميات شخصيات عراقية. إظهار كافة الرسائل

صناع الأمـــــــــــــــــل ..صنــــــاع الحياة هشـــام الذهبي نموذجا





“كل واحد منا لديه حلم أو اثنان أو حتى ثلاثة بينما أنا أملك ثلاثة وثلاثين حلما أراهم يكبرون أمامي كل يوم”، هكذا عرف الشاب العراقي هشام الذهبي الذي يبلغ من العمر 25 عاما “أطفاله”.
وأصبح الذهبي في المدة الأخيرة حديث العراقيين على مواقع التواصل الاجتماعي لإيوائه في بيته 33 يتيما، معاهدا نفسه بأن يرعاهم حتى يكبروا ويواجهوا الحياة بأنفسهم.
ويقول معلق “إن تاريخ العراق أثبت أن العراقيين لم يتفقوا يوما على شيء، وحتى في أعياد خالقهم لم يتوحدوا، إلا أن هشام الذهبي استطاع أن يجمعهم حول إنسانيته”.
وتقول مغردة على تويتر “بعض القلوب كبيرة بحجم الأرض وربما أكبر!”، غير أن الشاب العراقي يقول “هؤلاء جعلوني إنسانا”. يقول أيضا “إن إسعاد طفل على هذه الأرض، لهو عبادة جميلة تنعش الروح وتقوّيها”.
وتابع مغردون “هذا الشاب نبيل الخلق، فهو لا يخلد إلى النوم إلا بعدما يتأكد من أن جميع الأيتام بخير، ويقص لهم قصصا جميلة، راويا لهم ما حدث معه في نهاره، ويقوّي شخصيتهم بحكم جميلة وسرد مواقف رائعة من صميم الحياة”.
وكتب العديد من المتابعين يقولون “إن هشاما يوفر لجميع الأيتام ما يلزمهم في حياتهم اليومية، ويضحي بجل وقته لأجلهم”.
مغردون ينتقدون "نفاق" البعض فأينما حللت يبادرونك بآيات وأحاديث، عن واجب رعايتهم، لكن لا أحد يفعل
ويعاني أغلب الأطفال من أمراض نفسية كثيرة أبرزها الاكتئاب والتوحد، بسبب الحروب والأوضاع الأمنية المتردية التي عاشها ويعيشها العراق. وأوضح هشام أنه وضع برنامج علاج نفسي، يعتمد على اكتشاف مواهب هؤلاء الأيتام وتنميتها.
وهشام الذهبي حائز على شهادة الماجستير في علم النفس من الجامعة المستنصرية، وكان يعمل باحثا نفسيا من عام 2004 إلى عام 2007 في “منظمة حماية أطفال كردستان” التي كانت قد فتحت لها فرعا في بغداد عقب الإطاحة بالنظام السابق عام 2003.
وإبّان الأحداث الطائفية عام 2007 قتل أحد الباحثين الاجتماعيين التابعين لهذه المنظمة، فقررت الأخيرة إغلاق المشروع وتسليم الأطفال اليتامى إلى الدولة، لكن هشام الذهبي قرر أخذ المهمة على عاتقه، ووقّع أمام المنظمة على محضر تسلم الطفولة اليتيمة.
واتخذ هشام مبنى في شارع فلسطين منزلا له، وأنشأ فيه “جمعية الود للرعاية النفسية الأسرية”، وبدأ أقارب هؤلاء الأيتام يأتون بهم إلى الجمعية.
ويقول هشام عن إجراءات رعايته للأطفال الجدد “نعرض القادم على الفحص الطبي للتأكد من سلامته من الأمراض المعدية خوفا على أقرانه الذين سبقوه إلى الجمعية، ثم يجري الباحث الاجتماعي معه سلسلة جلسات قبيل إطلاقه للاختلاط بالآخرين بغية التأكد من حالته السلوكية والتعرف على رغباته وهواياته، وبعدها يقدم الباحث تقريرا مفصلا إلى الجمعية، ثم نبدأ مرحلة تدريبه على النشاطات المتناسبة مع رغباته”.
ويتابع الذهبي “من أهم الأنشطة الحاسوب والخياطة والحلاقة والطبخ والفنون التشكيلية والأعمال اليدوية والموسيقى، ولكل من هذه النشاطات ورشات عمل بسيطة تتناسب مع إمكانات الجمعية المادية التي نحصل عليها من التبرعات، وهي عبارة عن غرف تابعة لمبنى الجمعية”.
مغرد: هم الله عباده وليس عبادته، نسْخَة من هشام إلى حكومتنا ونسْخَة منه إلى من اتخذوا من الدين غطاء وأخرى إلى من يدعون الدين
المنزل أو الجمعية التي يديرها الذهبي يتحرك فيها اليتامى بحيوية، ويمارسون فيها الأنشطة الممتعة، ويشاهدون مختلف أنواع الأعمال الفنية من أفلام ومسرحيات ومسلسلات على أقراص مدمجة لأجهزة كمبيوتر داخل المنزل.
وتوجد في المنزل غرفة خاصة بتعلم الخياطة، معلقة على جدرانها قمصان خاطها الأطفال بأنفسهم، وثانية هي مطبخ لتعليم فن الطبخ، وثالثة للرسم، وهناك غرفة مخصصة لأجهزة الحاسوب.
وتوجد لوحات على أحد جدران المبنى من الداخل، تعرض أنشطة اليتامى في إطار فريق أطلقت عليه الجمعية اسم “فريق أصدقاء البيئة”، ويقوم هؤلاء الأطفال والصبيان بعمليات تنظيف للحدائق والشوارع خلال رحلات تنظمها الجمعية لهم في بغداد والمحافظات الأخرى، وهم يرتدون ما يسمونه بـ “الصدريات”، وقد كتب عليها “فريق أصدقاء البيئة”. واتخذ الذهبي شعارا لجمعيته “لا تذرف دمعة، بل امنحني فكرة”.
على فيسبوك كتب معلق “لمن لا يعرفه هو ‫ ‏عراقي يوزع الفرح على القلوب المكسورة، لا ينام إلا بعدما يتأكد أن جميع الأيتام بخير، يقص لهم قصصا جميلة، يأخذهم في رحلات في خيال الحياة، يضمد آهاتهم وينثر الابتسامة..! يقوّي شخصياتهم ويقدم لهم الكثير مما حرمتهم منه الحياة، ترفع القبعة له.. يا له من إنسان، هذا هو ‫‏الرجل في زمن أشباه الرجال، ‏الدين_دين_الإنسانية”.
‫وسخر مغرد “أينما حللت تجد الجميع يفتح موضوع الأيتام، يبادرونك بآيات من القرآن وأحاديث النبي محمد، وهم يحفظونها كلها، تلك التي تتحدث عن واجب رعايتهم، لكن لا أحد يفعل! هشام الذهبي وحده يفعل”.
وكتب معلق عراقي “#‏هم الله عباده وليس عبادته، نسْخَة من هشام إلى حكومتنا ونسْخَة منه إلى من اتخذوا من الدين غطاء وأخرى إلى من يدعون الدين”.
وكتبت معلقة “هذا الأب من ذهب”. وتهكم مغرد “رغم كل ما ذكر يبقى السؤال المحوري والأهم لدى البعض هل هو شيعي أم سني؟ هو إنسان وكفى”.






نادين عامر ... صوت مغترب يعود بنا إلى زمن الفن الجميل



الفنانه نادين عامر
 أتمنى من الفنانين أن يحاولوا تأدية رسالة نزيهة و شريفة في الفن العراقي باعتباره بطاقة تعريف وطنية و هوية إنسانية قبل كل شيء


البطاقة الشخصية 


نادين عامر

ولدت في بغداد 9-3-1978

تعيش في هولندا منذ عام 1994



السيره الذاتيه :-



ظهرت موهبتها في الغناء في سن مبكرة جدا فحين كانت في الرابعة من عمرها كانت تردد وتحفظ عن ظهر قلب جميع اغنيات الفنانه (فيروز) والتي كانت تسمعها كل صباح وهي تنتناول فطورها قبل الذهاب الى المدرسة وكأن صوت (فيروز) يمتزج مع صباحاتها فلا صباح بلا فيروز ولا فطور بلا فيروز كانت فيروز بلبلا تصحو على صوته وكان هذا التقليد من اجمل تقاليد الاذاعة العراقية حتى انها اصبحت متميزة من بين كل الاذاعات .
كان الدافع الاول لدخولها مدرسة الموسيقى والبالي هو حبها الكبير للموسيقى وكان والداها يلمسان فيها هذا الشغف الطفولي والعفوي للأتجاه الفني وكان قرارهما ان يرعيا موهبتها تلك فأدخلاها مدرسة الموسيقى والباليه/ بغداد وقبلت في هذه المدرسة النموذجية وهي في سن الخامسة من عمرها وكان من احدى شروط القبول ان يكون عمر المتقدم لهذه المدرسة ست سنوات وقد اجتزت امتحان القبول لما لمسوه فيها من مواهب مبكرة في الحركات الجسدية والحس الموسيبقي رغم صغر سنها وكان ذلك عام 1983 بدأت مع الباليه وكانت تتلقى خلال المنهاج دروسا في الصولفيج وكان يسمى الدرس بـدرس (الخور) اكملت دراستها الابتدائية في مدرسة الموسيقى والباليه ,وكانت نشاطاتها السنوية تعرض على خشبة المسرح الوطني والرشيد . كما ان علاقتها بقيت وثيقة جدا بأساتذتها واصدقاءها حتى بعد تخرجها منها ولغاية وقتنا الحالي.
بدأت بالغناء طبعا وشغفت به أيما شغف ولا يخفى على احد بأن موسيقانا الشرقية عموما تعتمد على الغناء بالاساس الاول وتأتي الموسيقى كسند لهذا الغناء كانت معنا في "مجلة اقلام ذهبيه "



س:من هي نادين عامر  في نظر نادين ؟

ج:هي الانسانه المحبة للجميع

س:متى كان اول بروز لك على الساحة الفنية وفي اي اغنية بالتحديد؟
ج:انا موجودة على الساحة الفنية من سنة 2010 .. لكن اول اعمالي الخاصة بي هي اغنية (متى تعودون) من الحان الفنان حاتم العراقي هي من قدمتني للجمهور في سنة 2012

س: من صاحب الفضل عليكِ ومن اطلقك الى عالم الشهرة والنجومية؟
ج:منذ الصغر كبرت وترعرت وتعلمت الكثير من خالي الفنان سيروان ياملكي وهو من وضع اول خطواتي في عالم الفن ... اما بخصوص الشهرة والنجومية ...فالنجومية بالنسبة لي هي محبة الناس وتشجيعم لي ..فهم رأس مالي من أول طريقي

س:هل حققتي ماكنتي تصبو اليه في مجال الغناء ام انك تري نفسك في بداية الطريق؟
ج:انا لازلت في بداية طريقي ..وهناك الكثير الكثير لأحققه
س: الى اي طور غنائي تنتمين واي الاطوار الأخرى تجيدي؟
ج:انا شخصيا أاعتقد ن الفن لا تكتمل بؤرته دون تواجد ثلاثة عناصر معا: الكلمة و اللحن و الجمهور .. من أجل إرضاء الفن ذاته و إرضاء الجمهور و من ثمة الذات. فالأغنية التي ترضي جمهوري هي بالضرورة ترضيني. والفنان الحقيقي يجيد كل الاطوار ..لكني دائما اختار الطور الغنائي اللي فيه الكلمة واللحن الراقي
س:كيف تنظرين للموجة الجديدة التي ظهرت على الساحة من المطربين الشباب ؟
ج:الفنان الحقيقي يمثل المجتمع والبلد الذي ينتمي اليه ويجب عليه أن يمثله بصورة تليق باسم بلده وثقافة بلده مع استثنائي بكلامي هذا بعض من المطربين الذين يحترمون الفن وقواعده .. اتمنى ان نوصل للعالم معنى الفن العراقي الملي بالمقامات الجميلة والكلمة الراقية
س: هل للحب في قاموسك وجود ؟
ج:بكل تأكيد ..الحب شئ جميل في حياتنا والاستغناء عنه يعتبر من المستحيلات

س: * ابرز المواقف الغريبة التي واجهتك مع المعجبين؟
ج:انا اؤمن بهذه المقولة (من أحبه الله حبب خلقه فيه) .. انا احب جمهوري واتواصل معه بشكل مباشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي ..لكن في الحقيقة لم يحصل معي اي موقف غريب ..دوما تجمعنا المحبة والكلمة الصادقة المحترمة

س:زوجة وأم هذه عوامل تحد من نجاحك كفنانة كونك ملزمة بأمور اخرى تبعدك عن الفن كيف توازنين بين هذه الامور؟
ج:بل العكس هو الصحيح ..عائلتي هي أول من وقفت بجانبي ومازالت هي الحافز الاول لدفعي الى الامام ... الموازنة مهمة في الحياة فيجب ان نعطي الوقت الكافي والحق لكل شي موجود من حولنا ..

س: نعرفك متذوقه جيداً فمن يطربك؟ ولماذا؟
ج:شكرا لأطرائك الجميل ... شيرين عبد الوهاب وفضل شاكر أكثر صوتين يأخذونني الى عالم ثاني ..لفخامة ما قدموه من الحان وكلمات تصل لقلبك من غير استئذان ...

وبكل تأكيد احب ان اسمع لكبار فنانينا من التراث العراقي وايضا من كبار فناني العرب من اغاني الطربية قديمة
س:ما الأغنية التي تمثلك؟
ج:كل اغنية تشع منها المحبة هي تمثلني ..فأنا فعلا ومن غير تزييف محبة لكل الناس ..

س:ما هي آخر أعمالك سواء على صعيد الأغاني ام الفيديو كليب؟
ج:تم الانتهاء من تسجيل وتصوير اغنيتي الجديدة بعنوان (مدري شسويله) وهي من كلمات الشاعر حامد الغرباوي والحان الفنان احمد حداد ..واخراج الفنان سوران علي شريف ..وسيتم عرضها ان شاءالله على اعياد رأس السنة

هل من كلمة أخيرة في ختام هذا الحوار.....

ج:في البداية أشكركم على الحوار القيم، و اشكر مجلة اقلام ذهبية ..وأشكر كل من ساهم في إنجاح مسيرتي الفنية و دعمها، و أوجه تحية تقدير إلى جمهوري الذي يتواصل معي أينما تواجدت فهو الأصل في الفن، و أتمنى من الفنانين أن يحاولوا تأدية رسالة نزيهة و شريفة في الفن العراقي باعتباره بطاقة تعريف وطنية و هوية إنسانية قبل كل شيء. 







من طرائف نوري السعيد



كثيرةهي الحكايات الطريفة التي رواها بعض الناس وخاصة ممن عايشوا فترة الحكم الملكي، عن الباشا نوري السعيد رئيس وزراء العراق، والذين يروونها هم من (اهل الله) بسطاء في حياتهم حكماء في اقوالهم وفهمهم للحياة..

ومن هذه الحكايات حكاية طريفة رواها احد البغداديين من كبار السن ومفادها:اعتاد الباشا نوري السعيد رئيس وزراء العراق في العهد الملكي ان يجلس كل ليلة في داره الواقعة بمنطقة الكرادة المطلة على نهر دجلة، مع عديله وزير الدفاع جعفر العسكري الذي يزوره كل يوم ويتبادل معه اطراف الحديث عن وضع البلد والحياة العامة وهما يشربا قنينة الشراب التي اعتاد الباشا جلبها معه يوميا عند عودته ظهرا من مكتبه.. وذات يوم من تلك الايام نسي الباشا ان يجلب معه عند عودته من عمله قنينة الشراب، حيث انشغل في ذلك اليوم بالوفد الاجنبي الذي زاره في مكتبه.. وعندما حان وقت الليل وجاء جعفر العسكري كالعادة ولم يجد شرابا، اقترح على الباشا العبور الى جانب الكرخ بالبلم والذهاب الى محلة الشواكة ويشربا هناك، فوافق الباشا على ذلك وعند نزولهما الى ضفاف النهر وجدا احد البلامين جالسا في بلمه وبجانبه (لاله) ذات ضوء خافت، وبعد ان القوا السلام عليه طلب منه جعفر العسكري ان يعبرهما الى جانب الكرخ، والبلام لم يعرفهما، حيث اعتذر منهما بحجة ان ماء النهر في هذا الوقت كان غير مستقر وامواجه عاليه وذلك لمرور بعض الدوب الكبيرة المحملة بالنفط منه.. واستفسر البلام منهما عن حاجتهما بالعبور فاجابه جعفر العسكري لنشرب كاسا من الشراب في الشواكة، فضحك البلام الذي مازال لم يعرفهما وقال لهما: عندي في البلم مبتغاكما ربعا عرق مستكي اصلي وعندي ايضا كاسين وعدد من الخيار والطماطة والمشكلة محلولة واتفضلوا اشربوا اهلا وسهلا.. ضحك الباشا وشكر البلام على ذلك الكرم البغدادي، فقبلا دعوته وجلسا داخل البلم وبدأ البلام يحضر لهما الكؤوس والشراب وقدم لهم كذلك الخيار والطماطة وبدأ يشربان ويتبادلان الحديث عن وضع ماء النهر اليوم وعن امواجه المتلاطمة وبعد ان اوشكا على نهاية الشراب وشعرا بالراحة وقضاء وقت ممتع في تلك الليلة الصيفية القمرية، مع هذا البلام البغدادي الكريم الطيب، فسأله جعفر العسكري هل تعرف ايها البلام الطيب من نحن؟ فاجاب بالنفي لم اعرفكما... ولا زغرا بكما... ثم اردف العسكري قائلا: هل من المعقول لم تعرف هذا الرجل، اشار الى الباشا نوري السعيد ولم تشاهده في التلفزيون؟ فقال البلام بعد ان نظر اليهما، لم اعرفه... فاجاب العسكري هذا الباشا نوري السعيد وانا جعفر العسكري وزير دفاعه... فضحك البلام بصوت عال قائلا: (يمعودين شرب كل واحد منكم كاسين من العرق، صار واحد الباشا نوري السعيد والاخر جعفر العسكري وزير الدفاع...لعد لو تشربون اكثر فماذا ستصبحون؟ فضحك الباشا والعسكري، وبعد لحظات من الصمت بدأ البلام يتفرس في نظره الى الباشا والى العسكري ثم تذكر واستعادة ذاكرته صورة الباشا نوري السعيد وصاح بصوت عال قائلا: لك اي والله هذا الباشا وهذا العسكري). ثم انحنى ليقبل يد الباشا ويعتذر منه عما صدر منه من كلام قد يكون غير لائق في حضرته... ثم اخرج الباشا من جيبه مبلغ من النقود واعطاه الى البلام الذي شعر بالفرح والسرور... هذه هي ايام زمان... بساطة وتواضعاً وكرماً وحسن نية.

نوري السعيد..



نوري باشا السعيد (1887 - 1958)، سياسي عراقي شغل منصب رئاسة الوزراء في المملكة العراقية 14 مرة بدآ من وزارة 23 مارس 1930 إلى وزارة 1 مايو 1958. كان نوري السعيد ولم يزل شخصية سياسية كثر الجدل والأراء المتضاربة عنه. اضطر إلى الهروب مرتين من العراق بسبب انقلابات حيكت ضده. ولد في بغداد وتخرج من الأكاديمية العسكرية التركية في إسطنبول، خدم في الجيش العثماني وساهم في الثورة العربية وانضم إلى الأمير فيصل في سوريا، وبعد فشل تأسيس مملكة الأمير فيصل في سوريا على يد الجيش الفرنسي، عاد إلى العراق وساهم في تأسيس المملكة العراقية والجيش العراقي
الفريق نوري السعيد
هو نوري بن سـعيد بن صالح ابن الملا طه، من عشيرة القرغولي البغدادية : سياسي، عسكري المنشأ، فيه دهاء وعنف. ولد ببغداد سنة 1888م، من عائلة من الطبقة الوسطى ،حيث كان والده يعمل مدققاً في إحدى الدوائر في العهد العثماني وتعلم في مدارسها العسكرية. وتخرج بالمدرسة الحربية في الاستانة (1906) ودخل مدرسة أركان الحرب فيها (1911) وحضر حرب البلقان (1912-13 19) وشارك في اعتناق « الفكرة العربية» أيام ظهورها في العاصمة العثمانية عسكري وسياسي من قادة العراق ومن أساطين السياسة العراقية والعربية وعرابها إبان الحكم الملكي، وزير ورئيس وزراء لفترات متعددة ساهم بتأسيس عصبة الأمم وهيئة الأمم المتحدة والجامعة العربية التي كان يطمح بترأسها، كانت له ميول نحو مهادنة بريطانيا على الرغم من حسه الوطني العالي. بدأ حياته ضابطا في الجيش العثماني وشارك بمعارك القرم شمال البحر الأسود بين الجيش العثماني والجيش الروسي وبعد خسارة العثمانيين عاد لوحده من القرم إلى العراق، قاطعا مسافات كبير ما بين سيرا على الأقدام أو على الدواب. انتمى إلى الجمعيات السرية المنادية باستقلال العراق والعرب عن الدولة العثمانية ثم شارك في الثورة العربية الكبرى مع الشريف حسن بن علي، يشير عبد الوهاب بيك النعيمي في مراسلات تأسيس العراق بأنه قد اختير لعضوية المجلس التأسيسي للعراق عام 1920 من قبل الحكومة البريطانية في العراق برئاسة المندوب السامي السير بيرسي كوكس حيث تشير المراسلات بأنه كتبت المس بيل بعد أول لقاء لها مع نوري سعيد: " إننا نقف وجهاً لوجه أمام قوة جبارة ومرنة في آن واحد، ينبغي علينا نحن البريطانيون إما أن نعمل يداً بيد معها أو نشتبك وإيّاها في صراع عنيف يصعب إحراز النصر فيه" وفي اعتقاد السفير البريطاني في بغداد بيترسون بان، نوري باشا ظلّ لغزاً كبيراً، لأنه بات بعد العام 1927 وتحديدا بعدأنتحار رئيس الوزراء عبد المحسن بيك السعدون أصبح نوري السعيد صعب الإقناع في بلد لم يتعود الإذعان لرجل أو الخضوع لسلطة ونوري كان يريد بناء العراق رغم كل الدعايات ضده من الحكومات والشعب
المناصب والوظائف
درس في المدرسة الاعدادية العسكرية في إسطنبول كان نوري السعيد دبلوماسيا من الطراز الأول يتحدث الإنجليزية بطلاقة، كان يبدو في مظهره جاداً وحازماً بل وقاسياً عند الضرورة، حاد الطبع، عصبي المزاج، سريع الغضب، الصفات التي لازمته طيلة حياته السياسية، حتى قيل عنه أنه كثيراً ما كان يشترك في المشاجرات والمشاحنات، لكنه إذا ما أراد الوصول إلى غاية ما أو تكريس سياسة ما، فإنه لا يثور ولا يتأثر، بل يتحمل النقد اللاذع من خصومه ويتعمد الغموض في أحاديثه ويوحي لمخاطبيه عن قصد بإشارات متناقضة أو تنطوي على تفسيرات متعددة، وبالفعل، كان نوري مناوراً بصورة فريدة، يعرف كيف يستغل الظروف والمتغيرات ويكرّسها لخدمة أهدافه. كان ميكافيلياً بالفطرة، يؤمن بأن الغاية تبرر الوسيلة، فكان يجيد اختيار ساعته ويعرف كيف يقتنص الفرص الثمينة لتقوية أوراقه الرابحة له مبدأ خاص في الحكم عرف به وهو مبدأ "خذ وطالب".
تولى نوري السعيد منصب رئاسة الوزراء في العراق 14 مرة:
* 23 مارس 1930 - 19 أكتوبر 1932.
* 20 أكتوبر 1932 - 27 أكتوبر 1932.
* 25 ديسمبر 1938 - 6 أبريل 1939.
* 7 أبريل 1939 - 21 فبراير 1940.
* 22 فبراير 1940 - 21 مارس 1940.
* 9 أكتوبر 1941 - 8 أكتوبر 1942.
* 9 أكتوبر 1942 - 25 ديسمبر 1943.
* 26 ديسمبر 1943 - 3 يونيو 1944.
* 21 نوفمبر 1946 - 11 مارس 1947.
* 6 يناير 1949 - 10 ديسمبر 1949.
* 15 سبتمبر 1950 - 10 يوليو 1952.
* 2 أغسطس 1954 - 17 ديسمبر 1955.
* 18 ديسمبر 1955 - 8 يونيو 1957.
* 3 مارس 1958 - 13 مايو 1958.
* مارس 1958 - 13 مايو 1958.
حياته السياسية
من أهم القرارات السياسية الذي كان لنوري السعيد دورا رئيسيا فيها وخلق ضجات عنيفة هو دوره في تشكيل حلف بغداد 1954 والأتحاد الهاشمي بين العراق والأردن 1958. كان نوري السعيد الدبلوماسي الأول والأكثر شهرة في العالم العربي. كان حاد المزاج سريع الغضب ولكنه جاد وحازم في قراراته خصوصا إذا ما أراد الوصول إلى غاية ما أو تكريس سياسة ما، فإنه لا يثور ولا يتأثر بل كان يتحمل النقد اللاذع من خصومه, كان يتعمد الغموض مما يجعل المتخاطبين معه يفهمون ما يريد أن يقوله وليس ما قاله.
وصف نوري السعيد بأنه رجل الغرب في العالم العربي، ولكن كانت لديه من المواقف القومية ما يعد في حسابات اليوم منتهى الراديكالية، وكان مقتنعا بأن لابد للعراق أن يعتمد على دولة كبرى ليردع أعداه. أحد عرابي تأسيس الجامعة العربية حيث تنافس مع رئيس وزراء مصر الأسبق مصطفى النحاس على تزعم واستضافة الجامعة العربية في بغداد إلا أنها أقيمت في مصر.
عمل على تعريب مدينة كركوك بتوطين الموظفين العرب فيها، مستخدما أسلوب نقل الموظفين سنويا منها وإليها، فالموظفين التركمان والأكراد وقسم من العرب كانوا ينقلون سنويا إلى المحافظات الأخرى لقضاء أربعة سنوات خدمة مدنية فيها، وينقل إلى كركوك موظفين عرب ليقضوا بقية عمرهم الوظيفي والحياتي فيها.
مصرع نوري السعيد
بعد سماع نوري باشا السعيد للتفاقم المتلاحق الأحداث بعد اعلان الجمهورية والتي لم تمنحه الوقت الكافي لا للمقاومة ولا للهرب، الا انه حاول الاختباء ولمدة يومين كاملين تمهيدا للهرب ومقاومة النظام الجديد كما فعل عند قيام حركة رشيد عالي الكيلاني عام 1941. عرف نوري السعيد بمقدم قوة عسكرية من المهجمين بغرض القاء القبض عليه، وتنكر بزي امرأة ليتمكن من العبور من بين المهاجمين والحشود الملتفة حولهم، استقل سيارة انطلق بها إلى إلى منطقة الكاظمية لاجئا لبيت صديقه الحاج محمود الاستربادي التاجر الكبير وعميد عائلة الاستربادي المعروفة، كما فعلها سابقا بعد ثورة 1941 حيث لجأ نوري السعيد إلى بيت الحاج محمود الاستربادي خلال حركة رشيد عالي الكيلاني التي ساعدته على الانتقال خارج بغداد إلى محافظة العمارة وانتقل من هناك إلى خارج العراق مع الوصي عبد الاله ليتدبروا إسقاط حكومة الثورة يومذاك.
وبعد جلاء الموقف امام القادة الجدد ادركوا مخاوفهم بان هرب نوري السعيد المعروف بدهائه وحنكته سيسبب لهم مصاعب جمة وربما بأسلوبة واطلاعه على خبايا الامور سيقنع الإنجليز بالاطاحة بالحكم الجمهوري الجديد. في مساء 14 يوليو/ تموز اعلن القائد المنفذ للحركة عبد السلام عارف مكافئة مالية للقبض على السعيد، وبعد يوم من ذلك قام من جانبه عبد الكريم قاسم زعيم الحركة ورئيس وزرائها بتكرار اعلان ذلك، وتوالت اعلانات هرب نوري السعيد بشكل هستيري من خلال بيانات اذاعتها وزارة الداخلية من دار الاذاعة العراقية مما وجه اهتمام الشارع نحو البحث عن السعيد بشكل تراجيدي محموم، واسقطت من يد السعيد كل محاولات اللاختباء والهرب وبدأت تضيق الدائرة حول تحركاته، كان هدفه ان لا يبقى مختبئا بل الفرار إلى خارج العراق ليتدبر امر مقاومة النظام الجديد. ففي يوم 15 يوليو/ تموز انطلق على وجه السرعة تاركا خلفه بيت الاسترابادي في محاولة منه للتقدم بخطوة للامام نحو خارج العراق متوجها نحو بيت الشيخ محمد العريبي عضو مجلس النواب وأحد المقربين في منطقة البتاويين وسط بغداد التي كانت تأن الفوضى التي تعج بها جراء سقوط النظام الملكي وانهيار الدولة، حيث امتزجت فيها مشاعر الفرح بنجاح الحركة واعلان الجمهورية بالحزن جراء اعمال العنف والقتل العشوائي من قبل الدهماء والغوغائيين والاحزاب الشيوعية التي اخذت تمارس القتل المنظم بسحل معارضيها في الشوارع. توجه السعيد على عجل إلى البتاويين تعرف اليه أحد الشبان في منطقة الكاظمية وهو يروم الركوب في السيارة بعد أن انكشفت ملابسه التنكرية، ابلغ الشاب السلطات بتزويدها برقم السيارة المنطلقة. وبعد اجتياز عدد من الحواجز والطرقات الفرعية بصعوبة جمة، وصل إلى بيت البصام وتصحبه الحاجة زوجة الحاج محمود الاستربادي للدلاله، وبعد ترجله من السيارة تعرفت المفارز الأمنية على السيارة فتمت ملاحقته وما لبث ان تطورت المواجهة إلى اشتباك بالأسلحة الخفيفة بين نوري السعيد وعناصر القوة الأمنية حيث اصابت رصاصة طائشة أثناء تبادل إطلاق النار، السيدة الاسترابادي واردتها قتيلة، في حين حوصر السعيد ولم يتمكن من دخول البيت أو الهرب عبر الازقة المجاورة، وهنا اختلفت الروايات حول مصرع الباشا فإحدى الروايات تذكر بانه اقيب بعدد من الإطلاقات من قبل أحد عناصر القوة المهاجمة والتي ادت إلى وفاته، وتذكر رواية أخرى وردت في مذكرات الدكتور صالح البصام أحد اصدقاء نوري السعيد الشخصيين، بانه عندما وجد نفسه محاصرا وان مصيره سيكون مشابه لمصير الامير عبد الاله فانه اطلق على نفسه رصاصة الرحمة، كي لايعطي فرصة لخصومة بالامساك به واهانته وتعذيبه.
وهنالك رواية أخرى ضعيفة اوردها وصفي طاهر المرفقة الياور لنوري سعيد والذي يعد من المقربين لعبد الكريم قاسم وذو الميول الماركسية بانه وعندما وصل اسماع الحكومة بانه تم العثور على نوري السعيد ارسلت وزارة الدفاع مفرزة عسكرية بامرة العقيد وصفي طاهر للتحقق من ذلك، وعند وصول المفرزة اطلق النار عليه، وكانه كان بانتظارهم طوال فترة وصول المعلومات للقيادة ومن ثم تجهيز المفرزة والذهاب إلى البتاويين البعيدة عن وزارة الدفاع ومن ثم الاستدلال على مكان الاشتباك، ويورد بعض الشهود من المتجمهرين بانه وعندما وصل وصفي طاهر كان نوري السعيد قد مات منذ فترة وقام طاهر بإطلاق بعض الاعيرة النارية ابتهاجا بمصرع الباشا على مكان الحادث بضمنها جثة السعيد. وضعف هذه الرواية يكمن في أن وصفي طاهر كان الياور المرافق لنوري سعيد حتى قيام الجمهورية وبعد ترنح النظام الملكي وبوادر انتهائه تقرب للضباط الوطنيين وخصوصا عبد الكريم قاسم الذي عرف قبل حركة 1958 بانه كان يلف حوله مجموعة من العناصر الشيوعية من مدنيين وعسكريين. وبقي طوال حكم قاسم مقربا منه وعينه المدعي العام للمحكمة العسكرية الخاصة مع ابن خالته ذو الاتجاه الشيوعي المقدم فاضل المهداوي رئيس
المحكمة, والذين اعدموا جميعاً في حركة 8 قبراير/ شباط 1963.
دفن في مقبرة الكرخ بعد جلبت جثته إلى قبو بوزارة الدفاع حيث كان يتواجد العميد عبد الكريم قاسم الذي بعد أن تأكد من وفاته أمر بأن ينقل جثمانه إلى المستشفى ثم الطب العدلي لاستكمال الإجراءات الأصولية لدفنه. مات نوري السعيد ولم يترك لأهله أي مال أو تركة وقد قامت الحكومة البريطانية بتخصيص مبلغ قليل لزوجته يكاد يكفي لسد رمقها. في مطلع الثمانينيات من القرن الماضي التمست ابنته الرئيس الأسبق صدام حسين للعودة للعراق فسمح لها بالعودة وخصص لها مكافأة بسيطة إلا أنها أودعت في دار الرعاية الاجتماعية بعد فرض الحصار الاقتصادي على العراق عام 1991 على أعقاب احتلال الكويت وتردي الأوضاع الاقتصادية.
من مؤلفاته:
* أحاديث في الاجتماعات الصحفية.
* استقلال العرب ووحدتهم.
* محاضرات عن الحركات العسكرية للجيش العربي في الحجاز وسوريا.
لكل دولة شخصياتها الاسطورية . و تاريخ العراق مليء بمثل هذه الشخصيات من ايام حمورابي و غلغامش الى ايام هارون الرشيد و المأمون. و في العراق الحديث تألقت شخصية في ايام العهد الملكي ، ايام الخير و اصبحت المحور الذي دارت حوله معظم احداث المملكة العراقية ، الا وهي شخصية نوري السعيد ، او كما عرفت بين اصحابه بأسم ابو صباح.)
مما ذكره شكسبير في مسرحيته "يوليوس قيصر" ان حسنات الانسان تندفن معه و لكن مساوئه تظل تذكر بعد موته. و لكن هذا القول لم ينطبق على نوري السعيد . فطوال حياته ظل الناس يهاجمونه و يذكرون سيئاته، و لكنه عند موته و بصورة خاصة في السنوات الاخيرة، اخذوا يتذكرون افضاله. حيثما نذهب في هذه الايام نسمع هذا او ذاك يروون الكثير من مآثره. و كان منها رحابة صدره ، و استعداه للمفاكهة و الملاطفة و استمتاعه بالطرائف و المقالب.
كان في عام 1948 سلم ادارة البلاد لصالح جبر الذي قدر له ان يتحمل مسؤولية المفاوضات بشأن تجديد المعاهدة العراقية البريطانية ، وهو ما تم في ميناء بورتسموث. غير ان الناس لم يرتاحوا للمعاهدة اجديدة و تفاقمت المعارضة ضدها. انبرت الصحف تندد بها و تهاجم رئيس الحكومة ثم تدفقت الجماهير في مضاهرات صاخبة تهتف بإلغائها و بسقوط الحكومة التي ابرمتها.
و كما نتوقع ، اوحت المناسبة للمتظاهرين بالكثير من الهوسات و الهتافات الشعبية. كان صالح بحر العلوم من الشخصيات الادبية التي ظلت تطوف بين المتظاهرين ، راكبا على اكتافهم و هو ينشد و يقول مخاطبا صالح جبر:
بعهد بورتسموث قد جاوزت حدك يا شقي
احرقت بغداد و عمان و لم تحترقِ ِ
اما المتظاهرون الشعبيون فقد راحوا على طريقتهم ينسجون الهوسات الشعبية . و كان منها الهوسة التي شاعت بسخريتها : " نوري السعيد القندرة و صالح جبر قيطانها."
جرت مصادمات عنيفة بين افراد الشرطة و المتظاهرين فيما عرف بعد ذلك باسم الوثبة ، وثبة 1948. و امام الاحداث الاليمة التي صاحبتها اضطر الامير عبد الاله، الوصي على عرش العراق الى التدخل في الموضوع و الطلب من رئيس الحكومة صالح جبر بالاستقالة ثم الغاء المعاهدة المذكورة. كانت فرحة عامة للشعب بانتصاره و تحقيق هدفه. سجل الشاعر محمد مهدي الجواهري تلك الفرحة بقصيدة اثنى فيها على موقف البلاط و حكمته في حقن دماء الشعب قائلا:
حف بالتاج بنوه فتعالى و تعالى صاحب التاج جلالا
و تعالت امة لم تنحرف عن مدى الحق ولا زاغت ضلالا
ماتت و قبرت معاهدة بورتسموث و اصبحت في ذمة التاريخ و لكن هوساتها الشعبية ظلت عالقة في الاذهان كجزء من التراث السياسي الفولكلوري للشعب العراقي. " نوري السعيد القندرة و صالح جبر قيطانها". من الواضح ان هذه الكلمات كانت ترمي الى التأكيد بأن نوري السعيد كان هو الحاكم الفعلي للبلاد ، سواء اكان في الحكم و رئيسا للوزراء او لم يكن. و لم يكن صالح جبر غير صنيعة بيده. شاعت الاهزوجة في مدينة بغداد ، وراح يرددها الكبار و الصغار، في المقاهي و المدارس و حتى في رياض الاطفال. و بالطبع سمع بها نوري السعيد .
اعتاد الشيخ فرحان العرس الذي كان يمثل لواء العمارة في المجلس النيابي ان يقيم حفلات دورية في بيته، او ما كان يسمى بالقبول الرجالي. و بصفته نائبا في المجلس و من كبار رؤساء القبائل ، دأب كبار الساسة و الادارة على حضور حفلاته و قبوله. كان من بينهم ذات يوم نوري السعيد نفسه. سمع طفل صغير، واحد من احفاد الشيخ فرحان العرس بأن نوري السعيد المذكور في تلك الهوسة، قد حضر الى الحفلة و كان جالسا فيها. فهزه الموقف راح ينشد ببراءة الاطفال تلك الهوسة الشعبية ، نوري السعيد القندرة و صالح جبر قيطانها ... نوري السعيد القندرة و صالح جبر قيطانها . سمعه ابو صباح فنادى عليه و امسك به، " اش قلت؟ قول اش قلت؟ سمعنا!" ارتبك الطفل و حاول النجاة من قبضة رئيس الوزراء، و لكن رئيس الوزراء لم يفك عنه. " يا الله سمعنا أش قلت؟" تدخل الشيخ و شجع حفيده على ان يعيد ما قاله . ففعل. " نوري السعيد القندرة و صالح جبر قيطانها." عاد نوري السعيد فأمسك به و قال : " منو هو القندرة؟ تعرف منو القندرة؟ رفع الطفل يده الصغيرة مترددا ثم اشار بإصبعه الى وجه نوري السعيد و قال : " انت!" غص نوري السعيد بالضحك و قبل الطفل من وجنتيه و احتضنه بين ضجيج الحاضرين و ضحكهم و استئناسهم

نوري سعيد وبائع الزعرور




كان موظفو الدولة الكبار ورجال الحكم ايام زمان يعيشون على رواتبهم الشهرية المتواضعة ، فهم لا يملكون العقارات والقصور والسيارات الفارهة ، فرئيس الوزراء نوري سعيد والبعض من وزرائه كانوا يشترون الخضراوات والفواكه في اواخر الشهرمن البقال (كنو) في منطقة باب الأغا بالدين و يقومون بتسديد الديون عند تسلمهم الرواتب في نهاية الشهر.
وبهذا الصدد انقل لكم رواية من احد كبار السن ، حكاية واقعية طريفة عن الباشا نوري سعيد ومفادها:
يقول كنا نسكن ايام الحكم الملكي في منطقة كرادة مريم في بغداد وفي زقاق قريب من دارالمرحوم رئيس الوزراء نوري سعيد ، وذات يوم وانا صبي ارتدي الدشداشة البغدادية مررت من امام دار الباشا فشاهدته يرش حديقة داره بخرطوم الماء ، وعندما لمحني نادى علي وهو يعرفني باني من أبناء المنطقة وطلب مني ان انادي على بائع الزعرور الذي كان بعيداً ينادي باعلى صوته (زعرور- زعرور) فاسرعت راكضاً اليه واخبرته بان الباشا قد طلبك ، وبدأت علامات الخوف والارتباك على وجه بائع الزعرور الذي كان يعتمر الجراوية ويرتدي الزي البغدادي التقليدي وهو يحمل على راسه طبق (طبك) الزعرور وبيده الميزان ، ظناً منه بانه قد ارتكب خطأ بالمناداة بصوت عال وهو يمر من زقاق دار الباشا نوري سعيد وقد يكون صوته قد أزعجه وايقظه من نوم الظهر ، هذه الافكار جعلته يتعثر في سيره حتى وصلنا الدار وسلم بائع الزعرور بارتباك على الباشا الذي كان واقفاً في باب داره وهو يرتدي البجاما والروب وطلب منه ان يزن له كيلوين زعرور لان نوري سعيد كان يحب اكل الزعرور.
ويضيف الراوي قائلاً:
بقيت أنا واقفاً بجانب بائع الزعرور وهو يزن بضاعته وسمعت الباشا نوري سعيد ينادي على زوجته (ام صباح) ان تجلب له (250) فلساً قيمة الزعرور فاجابته بصوت عال :

ابو صباح (هو شبقه من راتبك غير 150 فلساً وبعد اسبوع يالله تاخذ الراتب) فجلبتها له واعطى 150 فلساً الى بائع الزعرور ووعده بـ 100 فلس غداً الا ان بائع الزعرور ترجى من الباشا بمساعدته في حل مشكلة حلت به . والتي اوجزها له واطلع عليها الباشا حيث جلب ورقة كتب عليها واعطاها لبائع الزعرور وطلب منه مراجعته في مكتبه غداً وأعطِ هذه الورقة لموظفي المكتب ليسهلوا عليك الأمر وقال له الباشا :

ستأتي غداً وساعطيك المبلغ ( 100 فلس) المتبقي بذمتي عن ثمن الزعرور وساحل مشكلتك. ثم التفت الباشا إليّ وقدم لي حفنة من الزعرور بكف يده وشكرته وغادرت.

نازك الملائكة




نازك صادق الملائكة (بغداد 23 آب - أغسطس 1923- القاهرة 20 حزيران - يونيو 2007) شاعرة من العراق، ولدت في بغداد في بيئة ثقافية وتخرجت من دار المعلمين العالية عام 1944. دخلت معهد الفنون الجميلة وتخرجت من قسم الموسيقى عام 1949، وفي عام 1959 حصلت على شهادة ماجستير في الأدب المقارن من جامعة ويسكونسن-ماديسون في أمريكا وعينت أستاذة في جامعة بغداد وجامعة البصرة ثم جامعة الكويت. عاشت في القاهرة منذ 1990 في عزلة اختيارية وتوفيت بها في 20 يونيو 2007 عن عمر يناهز 83 عاما بسبب إصابتها بهبوط حاد في الدورة الدموية ودفنت في مقبرة خاصة للعائلة غرب القاهرة

يعتقد الكثيرون أن نازك الملائكة هي أول من كتبت الشعر الحر في عام 1947 ويعتبر البعض قصيدتها المسماة الكوليرا من أوائل الشعر الحر في الأدب العربي. وقد بدات الملائكة في كتابة الشعر الحر في فترة زمنية مقاربة جدا للشاعر بدر شاكر السياب وزميلين لهما هما الشاعران شاذل طاقه وعبد الوهاب البياتي، وهؤلاء سجلوا في اللوائح بوصفهم رواد الشعر الحديث في العراق
ولدت نازك الملائكة في بغداد لأسرة مثقفة، وحيث كانت والدتها سلمى عبد الرزاق تنشر الشعر في المجلات والصحف العراقية باسم أدبي هو "أم نزار الملائكة" وكانت تحبب اليها الشعر ولها أثر كبير في تنمية موهبتها وكانت تحفظها الأوزان الشعرية المشهورة (التي حددها علم العروض)، أما أبوها صادق الملائكة فترك مؤلفات أهمها موسوعة دائرة معارف الناس في عشرين مجلدا. وقد اختار والدها اسم نازك تيمنا بالثائرة السورية نازك العابد، التي قادت الثوار السورين في مواجهة جيش الاحتلال الفرنسي في العام الذي ولدت فيه الشاعرة.

درست نازك الملائكة اللغة العربية وتخرجت عام 1944م، ثم انتقلت إلى دراسة الموسيقى ثم درست اللغات اللاتينية والإنجليزية والفرنسية في الولايات المتحدة الأمريكية، ثم انتقلت للتدريس في جامعة بغداد ثم جامعة البصرة ثم جامعة الكويت. وانتقلت للعيش في بيروت لمدة عام واحد ثم سافرت عام 1990 على خلفية حرب الخليج الأولى إلى القاهرة حيث توفيت، وحصلت نازك على جائزة البابطين عام 1996، كما أقامت دار الأوبرا المصرية يوم 26 مايو/أيار 1999 احتفالا لتكريمها بمناسبة مرور نصف قرن على انطلاقة الشعر الحر في الوطن العربي والذي لم تحضره بسبب المرض وحضر عوضاً عنها زوجها الدكتور عبد الهادي محبوبة، ولها ابن واحد هو البراق عبد الهادي محبوبة، وتوفيت في صيف عام 2007م.


أنا حضارة: الموصلي مراد الداغستاني “المصور الفنان صاحب الجوائز العالمية في التصوير”





مراد الداغستاني من مواليد مدينة الموصل عام 1917م. أنهى دراسته الثانوية في الموصل عام 1940م وبدأ إهتمامه بالتصوير الفوتوغرافي عام 1935م.كان الداغستاني في الاربعينات من أبرز مصوري الموصل الى جانب آكوب وسركيس الارمنيين إذ نزحت أسرتهما من الى الموصل بعد مذبحة الارمن أثناء الحرب العالمية الاولى الا أن سركيس مات في الخمسينات وآكوب شاخ فإنفرد مراد الداغستاني كأفضل مصور في مدينة الموصل.شارك الفنان مراد الداغستاني في أكثر من ثمانين معرضاً دولياً في أوربا والامريكتين منها:
-معرض الانسان والبحر في يوغسلافيا عام 1965م.
-معرض مائة صورة عالمية في آلمانيا.
ظهرت صوره في عشرات الالبومات الخاصة بالتصوير الفوتغرافي العالمي ونشرت عنه عدة دراسات تحليلة في مجلات عالمية منها مجلة “التصوير الفوتغرافي” الانكليزية والمجلات العراقية والعربية.


فاز بالميدالية البروتزية في يوغسلافيا وحصل على شهادات تفوق من المانيا والبرازيل وفرنسا والصين.حصل على شهادة الابداع من البرازيل وكان في طيلعة ثماني فنانين منحوا هذه الجائزة.قدم صور حية للكادحين في لحظات إنسانية تدل على ذكاء الاختيار والقدرة على الابصار والتأثير وإقتناص ابرع اللقطات المعبرة بين الانسان والطبيعة مسجلاً أدق الملامح الشعبية للوجوه والاماكن


عرضت صوره في اكثر من ثلاثين دولة حول العالم منها: فرنسا ايطاليا،يوغسلافيا،انكلترا،السويد والارجنتين.منحته الدولة هدية تقديرية عام 1975م وكرمته بين الاوساط الثقافية الرسمية في محافظة نينوى ونحت له الفنان “هشام سيدان” تمثالاً نصفياً وافتتح وزير الاعلام معرض الداغستاني الاول  ببغداد علي قاعة جمعية الفوتغرافيين العراقيين.
على مدار عقود طويله انتجت الساحة الفوتوغرافية العراقية العديد من الفنانين الفوتوغرافيين المبدعين والذين تركوا بصمه واضحه عبر منجزهم الابداعي الذي يعدّ الارشيف والارث الفوتوغرافي العراقي ورغم ذلك تميزوا بتنوع الاساليب والرؤي رغم ان الثيمة الأساسية كانت الانسان والمدينة والهم اليومي وطبقه الكادحين والفقراء والبسطاء الذين احتوتهم تلك المدن الواسعة المليئة بالصخب والحياه والاثارة , رغم وجود طبقات ثرية وطبقات معدومة لكنك تشعر عن طريق قراءة الصورة حجم الابتسامة الكبيرة على تلك الوجوه التي تجاهد وتكافح كل يوم من اجل لقمة العيش فكان الانسان محورا مهما للعديد من المصورين المبدعين الذين استخدموا العدسة بأسلوب ضمن لهم البقاء في ذاكرة الابداع العراقي.الحديث عن التصوير الفوتوغرافي في العراق لا يمكن ان يكتمل من دون المرور بالمبدع الكبير مراد الداغستاني المولود عام 1917 في مدينة الموصل التي كانت وما زالت تشكل الكثير في ذاكرة المبدع حمل مراد كاميراته في ريعان شبابه ليسجل بعين واعية وفكر ثاقب واحساس مرهف حياة الموصليين التصق بالوجوه التي يقسو عليها الزمن والايادي التي يغزوها خريف العمر وبقايا سكائر اللف الموجعة بالتبغ فالتقط بعدسته اجمل اللقطات التي اصبحت قراءة متأنية لمرحلة من الزمن وتسجيل وتوثيق لتاريخ مدينة عبر صورة مليئة بالحياة ومفعمة بالأحاسيس لقد كان يعاني كثيرا في مجتمع منغلق رغم بساطة العيش يجلس على دكات المنازل متأملا تلك البيوت التي تعانق غيوم الشتاء يطالع اجنحة الحمام وهو يحلق ويحط على زوايا المكان يتابع صرير عجلات العربات التي تسحبها الخيول التعبة من كثرة الاجهاد يغلق عينه على مشهد عابر فيجعل تلك المعاناة طريقا للنجاح ليمضي مع الشمس حين تسقط في النهر يتحسس برودة الضفاف الرطبة و يقاسم الصيادين لحظات امتلاء شباكهم بالسمك وامتلاء عدسته بالضوء الذي يشكل تفاصيل الحياة في صورة فنية وعمل فوتوغرافي كبير تلتمسه الاجيال من بعده مراد الداغستاني عنوان لمدينة الموصل بفرحها وحزنها وسعادتها وعرق العمال الفرحين السعداء بيومهم الطويل اغاني الفلاحين في يوم الحصاد يراقب طعم الاطمئنان على وجوههم الحالمة بصباح جديد ويوم اخر مليء بالنشاط والحيوية فيض المشاعر الانسانية التي كانت تتأرجح في روحه المبدعة تركت فيه اثار السرطان الذي انهك جسده ولم ينهك عينه الباحثة عن الضوء والوجوه الموصلية ورغم قساوة المرض وشدته كان يجد في حياة الناس حلما يكبر في فضاءات الروح يقاسمه الالم ويترك ابتسامة كبيرة على وجه استطاع ان يضع فنه في اولويات الكتب العالمية الباحثة عن سحر الشرق وجمال الروح والانسان مراد الداغستاني داعبت عينه الكاميرا عام 1935 واغمض عينه للمرة الاخيرة على مشهد مظلم عام 1982 تاركا خلفه كنزا كبيرا من الابداع وتاريخا وثقة بعدسة عانقت فيه روحه الندية سنين الالم الطويلة.

بعض من تصاميم المعمارية الراحلة زهاء حديد



صور لبعض من التصاميم التي وضعتها المعمارية البريطانية عراقية الاصل زهاء محمد حديد، التي توفيت في الحادي والثلاثين من آذار / مارس اثر نوبة قلبية المت بها.
Blog Tips
Blog Tips
2009@ سوالف عراقية

اشترك معنا في سوالف عراقية